هي أسرارٌ صُوفيّة، ليس بمعنى أنها مُكتتمةٌ ومستَسَرّةٌ عن البعض ومُصَرَّحٌ بها للبعض الآخر. ولكن بمعنى أنها تحوي أعماقاً كلما رْمتَ قرارَها تكشّف لك من ورائِها أعماقاً مُدهِشةٌ ومُحيِّرةٌ، تحملُك بدورِها إلى أعماق أكثرَ حيرةً ودهشة؛ فإذا أنتَ ذلك القارِئُ مشتتَ الذّهن ومبلبل الأفكار وعييّ المنطق. ولكنك إذا ما انتبهتَ وصحوتَ من حيرتك وجدتَ أسرارَ هذا الكتاب متعانقةً مُتعشّقةً بعضها ببعضها الآخر، ومرتبطة المعنى بالمعنى والكَشفِ بالكشف، ووجدتَ نفسَك تتغلب على قانون الجاذبية الأرضيّة لتعلو وتحلّق في فضاءات نفسِك وآفاقِ العالَم، فيجبُ أنْ تكون – عزيزي القارئ – عندَ قراءة هذا الكتاب مُرهَفَ الحسِّ، مُستَجمِعَ القُوى، صافيَ الذّوق والبديهةِ والتّعقّل.
