ان فكرة التعادل بين الحالة النفسية والحالة الدماغية التي تقابلها، تنفذ الآن في قسم كبير من الفلسفة المعاصرة. حتى لتراهم يتناقشون حول أسباب هذا التعادل ودلالته اكثر مما يتناقشون حول التعادل نفسه. فيرى بعضهم أنه راجع الى أن الحالة الدماغية تزدوج هي نفسها في بعض الحالات باشعاع نفسي ينيرها. ويرى بعض آخر أنه ناتج عن كون الحالة الدماغية والحالة النفسية داخلتين في سلسلتين من الوقائع متقابلتين، نقطة نقطة، من غير أن يكون ثمة ضرورة لاعتبار الاولى خالقة للثـانية. ولكن هؤلاء وأولئك يسلمون بالتعادل أو قل بالموازاة بين السلسلتين على حد تعبيرهم في معظم الاحيان. وتحديدا لهذه الفكرة نصوغها فيما يلي «اذا وجدت حالة دماغية معينة تبعتها حالة نفسية معينة» أو: «ان في وسع العقل، لو أوتي قدرة فوق قدرة العقل الانساني، فشهد حرکات الذرات التي يتألف منها دماغ الانسان، وكان يملك معجمًا يترجم الحالات الفزيولوجية الى الحالات النفسية، ان في وسع هذا العقل ان يقرأ الدماغ ابان عمله كل ما يجري في الشعور المقابل» أو أيضًا: «ان الشعور لا يقول شيئًا غير ما يجري في الدماغ. كل ما هنالك انه يعبر عنه بلغة أخرى»