تنطوي مناقشات هذا الكتاب على مجموعة فرضيات تتجاذب حركة السرد ووظائفه واشتغالاته في ضوء التحولات القسرية والطبيعية التي تتشكل منها مهاداته في مطالع الألفية الثالثة. فعلى الصعيد النظري، هناك ما يسمى (أثر الفراشة)، أي الاضطراب المترتب على حركة ما صغيرة أو كبيرة في عالم اليوم، وهناك (التخطيط العولمي) الذي يعني تداخلاً واسعاً على الأصعدة البشرية والبيئية والمعلوماتية فرضه (النظام العالمي الجديد) واقتصادياته (اللبرالية الجديدة). وتأتي الحروب بأصنافها مهمة وأساسية كما يظهر ذلك في الوعي الذي تستطلعه ماهية السرد العربي. وكان أن جرت قراءة عشرات الروايات التي ظهرت حديثاً، أي الألفية الثالثة، والتي تميزت بميل شديد للأزمة وتداعياتها البيئية والبشرية والنفسية، وتجسد ذلك أيضاً في الهجرة والرحيل والتفكك واكتظاظ مظاهر الانحطاط الاجتماعي، بينما تأتي الجوائز متعاقبة في مطلع الألفية عاملاً مشجعاً على الاستزادة في الكتابة. وهكذا جاء سيل من الروي لم يكن ميسوراً من قبل. ومثل هذا العامل لا يقل شأناً إنتاجياً عن العوامل الأخرى الآنفة،