رجل العسل، هذا هو اسم زهران القاسمي، لا صفته! وهذا نصّه المشغول كلّه ببشر لا يملّون البحث عن أنفسهم، ولا يتوقفون عن المشي فيها بذريعة البحث عن العسل الجبلي اللذيذ، يقتفون أثر النحل الفَطِن، يقابلونه بذكاء الإنسان الذي يزعم -في كلّ مرّة- أنّه تمكّن من هذا النحل، فراح يبحث فيه عنه بعيداً جداً على أثر طيرانه المستقيم، وهو قريب منه، في مسافة نيّة جائع. رحلات كثيرة للبحث عن العسل الجبلي، عن النفس في وجودها النقي، في فطرتها الأولى، وعمّا تشبّه فيه أحدهما بالآخر. خرج ثلاثة أصدقاء: عزّان بن سعيد، عبد الله بن حمد، وناصر بن سالم الحطّاطي للبحث عنه في الجبال البعيدة. صلوا الفجر، شربوا قهوتهم، وقرروا المَشي. ولأنّ البحث عن النفس يستدعي الانفراد بها، بخوفها، بجوعها، بغضبها، بغارتها على نفسها، بذاكراتها في مواجهة صريحة، يفترق الثلاثة بقوة الطبيعة، كائنات ضئيلة أمامها؛ لتحقيق ذلك الانفراد الصريح: أنتَ وحدك. جوع العسل نصّ رائع، مكتوب بعسل نحل جبلي جائع. هكذا قرأته، أقصد: تذوقته. حسين المحروس