كتب قارسيا ماركيز رواية اسمها " قصّة موت معلن " وكتب عادل الحامدي " سبب للحياة ....سبب للموت " .. الروايتان تشابهتا في الكثير، وأكثر ما أحالني من هذه لتلك هو أن القارئ يعرف النهاية منذ البدأ .. كل التراجيديا معلنة في اللوحات الأولى ثم يندلع السرد ويتخذ أشكالا جديدة ...وأصواتا منتدبة لا للقصّ فقط بل لزيادة الخيوط وتغيير الرؤى وتأجيج الدهشة .. سأشبه البداية بقطعة " الموتيف" التي تتدلى من القلادة .. هي بالنهاية أهم شيء.. هي التي تلتف لأجلها السلسلة ويعمل قانون الجاذبية ويكابد الوزن وتصنع الانبهار.. هي كل الحقيقة .. لكنها تتأرجح بفعل التقدم والحركة والتوغل.. هذه رواية جديّة جدا و مدروسة الهندسة والتخطيط.. تتعهّد كشف الكثير من أساليب الكتابة.. لا تعترف بخط زمني لا لتحاشي الملل ولا لإجبار القارئ على التصفح بل لأن هذا العمل أريدَ له أن يكون ورشة روائية.. تقرأ فترافق وتسمع الكاتب والراوي وصدى الراوي تفاعل الشخصيات.. حتى القارئ يشار إليه بالكلام ويُدعى للحوار .. قضايا الرواية متنوعة .. فسيفساء متكاملة من المتضادات كالقبح والجمال .. الخير والشر .. الغدر و الوفاء ..الضعف والاستبداد ..اليأس والأمل ..الفقر والفقر المدقع .. الموت والحياة .. رواية تتخذ من مدينة القيروان في تونس وما جاورها " ميكروكوزم " للوجود الهامشي للطبقات المطحونة وأنموذجا حيّا وواقعيا لتلك الشرائح المغلوبة .. بأسلوب مبهر جذاب .. بمشاهد كوميدية كاريكاتورية مضحكة أحيانا .. مقذعة لاعنة في أكثر الأحوال .. بالنهاية انتهت رواية ماركيز نهايتها المعلنة وتفوق عادل الحامدي في لوحاته الأخيرة بأن ترك دورا أوسع للقارئ للتخيل والتفكير