لا زالت قصص الجدات تبهرنا، إنها شيء من الماضي الجميل الذي عشناه قبل ثورة المعلومات الحالية، إنها تسكن في وجدان كل من استلقى يوماً على الأرض وأنصت باهتمام لما ترويه الجدات، عن الماضي، التراث، حكايا القدماء، وتلك الخيالية منها، وفي كل حكاية عبرة وغاية، وهذا الكتاب يعود بنا إلى تلك الفترة، يوقظ فينا ذاك الطفل الذي كدنا أن ننساه، فنقرأ بعض ما كانت الجدات يقصصنه علينا، ولغايـة تسـجيل ملمـح مــن ملامح الزمــن القديــم، المفعم بالثراء الغنــى كان هذا الكتاب، وفيه مقتطفات من سيرة الكاتبة، روتها بين السطور بأسلوب بديع، حيث تناثرت مقتطفات السيرة بين النصوص ووسطها، بإسهاب جميل، وهي سيرة جدة استثنائية عانت الكثير وصمدت في وجه العواصف، سيرة الجدة التي مزجت الخيال بالواقع فأنتجت حكايات مدهشة تسربت في عروقها قيم نحبها وعادات أصيلة نعشقها. ومما زاد جمالية النصوص هي تلك بعض تلك القصص التي صاغتها الكاتبة بلغة الأجداد المحكية، فكانت درراً جميلة وعميقة نثرتها بين السطور لتزدان بها. هكذا قالت جدتي: ينير على حقبة دافئة في حياتنا، ذهبت وربما لن تعود في زمن قفز قفزات كثيرة في ثورة المعلومات، وكأنه في إنارته يقول لنا وإن رحلت الجدات بقيت حكاياتهن لنرويها.
