لم يقدر لكتاب من عصور ما قبل الميلاد أن يبقى وبهذا الزخم حتى اليوم مثل كتاب (الإلياذة)، وإن دل هذا فيدل على عمق ما جاء فيه، وروعة لغته، وندرة قصصه، وعميق رسالته، ولا زالت حتى اليوم الميثيولوجيا الإغريقية مصدر إلهام للنفس البشرية، فأتت الإلياذة لتعكس لنا تلك الميثيولوجيا، وتجول بنا في عالم الإغريق الساحر، بآلهته، وأحداثه، وشخصياته، وفلسفته، وحتى طبيعته الخلابة، فكيف لا يعيش كتاب نبعت حروفه من تلك البيئة..؟، وهوميروس، إن كان موجوداً حقاً أم أنه شخصية مبتكرة كما يظن البعض، هوميروس ذاك العبقري، قد رسم في هذه الملحمة الشعرية (القوة) بأجمل الكلمات، بل جعلها مركز الإلياذة، إن كانت قوة البشر، أو قوة الحب، أو قوة العقيدة حين تترسخ في النفس البشرية، وإن قدر لشعر أو أدب أن يعيش أبد الدهر فحتماً ستكون الإلياذة على رأس تلك المؤلفات، ولا زالت حتى اليوم تترجم وتقرأ في كل اللغات، حتى غدت ملحمة (البشرية) بحق، وليست ملحمة بلاد الإغريق كما كانت، هذه الإلياذة، وهذه أناشيدها وحكاياتها، وهذه ترجمة جديدة لها نقلت بخبرة ودراية تلك الملحمة الأسطورة من نصوصها، هذه هي في هذا الكتاب، لنعرف منها ذاك العالم الزاخر بما يشبع الروح ويغني النفس.
