لا شك أن تحقيق مخطوطة جديدة من مخطوطات الموشحات ونشرها يمثل قيمة كبرى؛ وذلك أنها تسلط الضوء على تلك الكنوز المخبوءة في ردهات المكتبات، وتكشف النقاب عن صفحة مشرقة من صفحات التاريخ الإنساني عبر الإنسان من خلالها عن ذاته، ودون مشاعره وأحاسيسه عبر مرحلة طويلة من الزمان. ويعد هذا الكتاب إضافة جديدة إلى رصيد الشاعر والوشاح المشرقي والأندلسي معاً، فقد احتوت المخطوطة على عشرين موشحة ومئتين وهي جملة كبيرة لا شك، عني فيها الجامع بالنصوص المشرقية والمغربية معاً. وتنبع أهمية هذا الكتاب في كونه تضمن مراحل التوشيح كافة سواء في المشرق أو في المغرب، فكان أول وشاح مغربي هو عبادة ماء السماء (ت 419 ه) وأول وشاح مشرقي هو ظافر الحداد (ت 529 ه). وقد تعددت النماذج التوشيحية التي انفرد بها الكتاب ولم ترد في أي مصدر آخر، فقد بلغت عددا كبيرا مما يسهم في رأب ذلك الصدع الذي اعترى هذا البناء الضخم المسمى بالموشحات، فسقط كثير من نماذجه. وإن سجع الورق يمثل – حقاً – أفضل إضافة شهدها القرن الحادي والعشرون – حتى الآن – في حقل نشر الموشحات الأندلسية والمشرقية.
