يحتّم علينا المنهجُ الذي استندنا عليه في هذا الكتاب الصمتَ حيال المستقبل؛ فإذا كنا نقول إن السيرورات الحداثية لا تكف أبدًا عن التطور والتجدد، وإذا كانت هذه العمليات التحديثية ذاتها في ترقٍ دائم، فلا يبدو التنبؤ بالمستقبل إمكانية متاحة.
لا سيما وأن المعنيين باستشراف المستقبل يرتكزون على الآني والراهن لتلمّح آفاق كل ما هو آتٍ وجديد، فكيف إذا كان هذا الواقع مفرط في تطوره وتغيره؟! إن استشراف المستقبل في ظل سيرورات حداثية دافقة متراكبة لهو واحد من أصعب المهام.
غير أن ما يمكننا الجزم به، وربما هذا هو الشيء الوحيد الذي تسمح به عُدتنا المنهجية، أن المملكة العربية السعودية، موضع التأمل والنظر، ستظل سائرة في طريقها نحو الحداثة، وستشهد، ربما على المديين المتوسط والقريب، المزيد من العمليات التحديثية اللافتة.
ليس هذا فقط، بل يبدو للمتأمل الحصيف أن السعودية ستسير نحو مستقبل أكثر أنسنة واستدامة، صحيح أن الإنسان، من حيث هو إنسان، أولى أولويات المملكة، لكنها ستستمر، فوق ذلك، في تسليحه بكل الأدوات والمعارف التي تعينه على السيطرة على وقائع المستقبل، والتأقلم الفعّال معها.
