يتخلى مؤلف الكتاب عن الكثير من المنطلقات التقليدية التي كانت تبدو بديهية بحد ذاتها قبل أن يثبت أنّها كانت عديمة الجدوى أو مضللة، أثناء تناوله لتاريخ اقتصاد العالم القديم، كما شنّ فنلي هجوماً شاملاً على التقاليد الحديثة لمناهج دراسة التاريخ الاقتصادي القديم، إذ رأى أنّه لا ينبغي تحليل اقتصاد العالم القديم باستخدام مفاهيم العلم الاقتصادي الحديث، لأنّ الأعمال الاقتصادية في العصور السابقة كانت تحدّد بشكل أساسي بالاهتمامات الاجتماعية وليس الاقتصادية، فالمركز الاجتماعي والإيديولوجية المدنية حكمتا الاقتصاد آنذاك بدلاً من الدوافع الاقتصادية العقلانية . الهدف الأساسي للكتاب هو أن يبيّن وبوضوح أنّ الأفراد والبلدان في العصور القديمة كانوا يفكرون بشكل أساس بلغة سياسية، اجتماعية ونفسية، وثانياً بلغة اقتصادية، مركزاً على النماذج التفسيرية، الدراسات الكمّية، ونتائج التقنيات الحديثة المتخصصة، ولذلك، فقد جاءت توجهات المؤلف منسجمة مع الكتابات الجديدة في علم الاجتماع وعلم الاقتصاد، ويقدم لنا الكاتب في كل فصول كتابه نماذج مميزة في الكتابة التاريخية . إذ يعرض الوقائع، يفسّرها، يناقش المفاهيم التي تتعارض معها ثم يتوصل لاستنتاجاته بطريقة منطقية علمية مقنعة
