يُحكى عن بني إسرائيل أنهم تاهوا في أرض سيناء أربعين سنة، وبينما هم كذلك إذ وقعت عينا باريس
الطروادي، على هيلين الإسبرطية في اليونان، فأحبها وأحبته، فاندلعت بذلك حرب
طروادة.
لكن ماذا عن الملك البابلي نبوخذنصّر، الذي جاس في ديار بيت المقدس، فسبى
يهودها، ودمّر هيكل سليمان، في ذات الوقت الذي راحت تنتشر فيه طاوية لاوتزه،
وتعاليم كونفوشيوس في الصين، وفي الخضم، كانت أفكار بوذا وطقوسه الفلسفية تُترجم
على أرض الهند وبلدان آسيا الشرقية، قبل أن يلْتَقِف سقراط الحكمة، فيرسمها في
اليونان!
في تلك الأيام، وبينما كان كل حدث تاريخي يتخبط وحيداً بين الكتب المغبرة،
مُستوحشاً يبحث عن صديق، يؤازره القصة، ويوازيه الفترة، كان لنا أن نجمع كل تلك
الحقائق التاريخية، في قالب روائي واحد، قدّمنا فيه التاريخ بدور راوٍ عليم،
ليحكي عن تقلُّبات الدول، وعن تلك الأجيال التي تعاقبت على الأرض، بأعراقها
ولغاتها، وأصولها وما هاجرت إليه، مروراً بأنبياء الله، وعروجاً على فلاسفة
التاريخ، وعلماء الأرض، وانتهاء برفع الله تعالى عيسى عليه السلام إلى السماء،
دون أن نعبث بأصل الحكاية، أو أن نمس من تفاصيلها الدقيقة، أدنى حقيقة.
ولأننا الآن في حضرة التاريخ القديم، فقد وجب لك أن تخلع نعليك، أن تطأ سهواً،
ما تَبَقّى من نقوش الأقدمين!