عزيزي القارئ، اقرأ هذا الكتاب، فقد قرأت مرة في مقدمة
كتبها غسان كنفاني، عندما ترجم نصوصاً قصصية من العبرية إلى العربية: (إنه لا
يمكنك أن تعرف أدب الآخر حتى تفهمه)، فهنا تجد مجموعة ذكريات لرجل صنع مع آخرين
سجل دولة تعشق اللون الأحمر، وكان لديه دائماً ما يكفي من مسوغات أخلاقية
وسياسية، تسمح له ولفريقه بالقتل، كما يقدم الكتاب صوراً كثيرة، تظهر كم السلم
ممكن، وكم السلام مستحيل، وكم جاء قاطنو فلسطين الجدد بلا ذاكرة، وكم هي كبيرة
مأساة هؤلاء، لأن الوطن ذاكرة، ولا يمكن اغتصاب ذاكرة الآخرين وجعلها وطناً لأي
كان، لقد سعى بيري لأن تكون مذكراته عرضاً للمشهد الختامي من المسلسل الصهيوني
الطويل، مع تجاهل الممارسات التي أدت إلى هذا المشهد، الذي ساهم فيه القتل
والتهجير والاضطهاد الصهيوني بتحويل الفلسطيني إلى استشهادي مقتول بشرف، أو إلى
مقتول ذليل لا محالة، ولكن تواتر الانتفاضات والشهداء لن يسمح لمشهد (الآتي
لقتلك) أن يكون، كما أراده بيري، مشهداً ختامياً للصراع العربي الإسرائيلي، لذلك
أدعو كل عربي لقراءة هذا الكتاب، ليعرف حقيقة مشكلة الأمن في إسرائيل، والشعور
بالخوف القاتل من المستقبل، بناء على ذلك يمكن أن يفسر الكثير من مواقفها وردود
أفعالها.