هذا الكتاب وهو كتاب مركزي بين مؤلفات نيتشه، يأتي بعد هكذا تكلم زرادشت، وينتمي إلى المرحلة
الختامية من سيرة نيتشه الفكرية، ويشكل حقل اختبار للأفكار الدينامية التي تميز
بها نيتشه من سواه من الفلاسفة: من إرادة القدرة إلى العود الأبدي
والفوق-إنساني، مروراً بتخطي الثنائية الميتافيزيقية في وهم الذات وحرية الإرادة
وتناقض القيم.
ونكرر القول بأن أهمية هذا الكتاب تكمن لا في ما يقول ويثبت، بل في كيف يقول
ويثبت. أهمية نيتشه تكمن بالأحرى في منهجه النسابي (الجينايولوجيا). في كونه إذ
يظهر تعدد المعاني المفترضة واحدة في الأفهوم، يهدم المنطق القائم على مبدأ
الهوية من أساسه. ويفتح الباب، إذ يعاند الستمة، واسعاً على اللامتناهي. ويوقظ
"الروح الفلسفي" من "سباته الدغمائي" فيغدو شرطاً لا بد منه
من شروط إمكان القول الفلسفي وتجدده في طول القرن العشرين وعرضه.