العمّة عوشة هي عجوزٌ تعيش وحدها في منزلها في المدينة، حيث كلّ السكّان يحبّونها ويعاملونها كأنهم أقرباءها. هي طيّبة القلب، لكنّها كثيرة الكلام، تتكلّم وتتكلّم طيلة الوقت، حين يزورها أحدهم تتكلّم معه دون انقطاع. وإذا قصدت حانوت البقالة أو السمّان، فإنها تغرقه بالكلام دون توقّف. حتى أثناء سيرها في الطريق، لا تنقطع عن الكلام المستمر، لدرجة أنّ كلماتها تُملئ صفحات الكتب. البقّال، والفرّان، والأطفال والطلاب، وكل المدينة تنزعج من كثرة كلام العمّة عوشة، وجميعهم يطلبون منها السكوت، لكنّها لا تسكت. ذات يوم افتقدها سكّان المدينة، فقد مرّت عدّة أيّام دون سماع صوتها وثرثرتها. قصدوها في منزلها فوجدوها مريضة وحزينة، تجمّعوا حولها وبدؤوا بالغناء، فإذ بها تتحمّس وتنهض ثمّ تبدأ بالرقص مع أحبّتها وجيرانها. وحين تعبوا من الرقص والغناء، ناموا جميعاً فيما بقيت العمّة عوشة في سريرها فرحانة، وتفكّر بأن عليها تحضير نفسها للغد إذ ينتظرها الكثير من الكلام.