إن العلوم في الدنيا أسمى مفخراً وأربح متجراً، وأجل مرتبة وأشرف منقبة، فعلوم البحر هي من العلوم التي لم تعرف قبلة الإسلام بأصح منها، فما أوتي بالمراكب من الهند والشام والزنج وفارس والحجاز واليمن وغيرها، بقصد لا يميل عن الجهة المطلوبة بأموال وأرواح، يعد دليلاً مؤكداً على أن هذا العلم يدل على معرفة القبلة، فيحتاج إليه أهل الفرائض. وقد أهتم فيه الكثير من العلماء والقضاة لمعرفة القبلة، واستحسنوه، وعملوا به من دون غيره من العلوم التقريبيات، كنصب الدائرة، وركز العود فيها، ومعرفة طول مكة وعرضها. وقد رتب هذا الكتاب، ليرتقي الإنسان به، فيعرف علم الدائرة، والأطوال والعروض، وجهات الكعبة، والأرياح الأربع وهي: شمال ودبور وجنوب وصبا. وهذه الأرياح الأربع الشهيرة في الدنيا، فإن عجز الإنسان عن معرفة قبلة المدن والجزر اللواتي في البحر المحيط فليأخذ بهذا العلم. وقد صنف هذا الكتاب المختصر لركاب البحر ورؤسائه، فقد اشتمل على فوائد كثيرة غوامض وظواهر أجملت في اثنتي عشرة فائدة منها: معرفة المنازل والأخنان والدير، والمسافات والباشيات، والقياسات والإشارات، وحلول الشمس والقمر، والأرياح ومواسمها، ومواسم البحر، وآلات السفينة، وما تحتاج إليه وما يضرها وما ينفعها، ومايضطر إليه في ركوبها.