الكمنجة السّوداء بقي جوان واحداً وثلاثين عاماً يؤلّف أوبراه اليتيمة . واحداً وثلاثين عاماً وهو يحاول أن يحرّر نفسه من صوتٍ، من حلمٍ، ويحاول نسيان قصة إراسموس والكمنجة السّوداء . في غضون كلّ هذه السنين، لم يعد للعزف على الكمنجة . وفي اليوم الذي وضع فيه آخر علامة لآخر نغمة في أوبراه، فهم أن كلّ عمله كان بلا طائل . فلن يقدر يوماً أن يغنّيه أحد مثل كارلا فيرنزي . عندَئذ، وبنزوع غريب للعقل يدنو بالفعل من حافّة الجنون، أخذ الدفتر الذي كان، لفترة مديدة، يدوّن فيه نغماته ورماه في الموقد . في بضع لحظات، رأى مؤلَّف حياته يختفي بين ألسنة اللّهب . - ها قد انتهيتُ من هذه القصة، قال في نفسه . ثمّ تمدّد على فراشه، متعبَ الجسد لكن بروحٍ صاحية، ولأوّل مرّة في حياته أدرك أنّه كان سعيداً . كان قد كتب أوبراه الخرافية .