إنَّ أيَّ أحدٍ يحبُّ البساطة أو يحترم النّقاء، أيَّ أحدٍ يلمسُ رباطَ العجز والضّعف الذي لا حدّ له على هذه الأرض، لابد له أنْ يُدرك نوعاً نادراً ورقيقاً من المُتعة في هذه الحكاية البسيطة التي تتحدّث عن قرية صيد إيطالية. جيوفاني فيرغا، صقليٌّ من ذلك العرق الجنوبي الذي جاءت منه اللغة الايطالية أصلاً. أقصى الجنوب ذاك الذي كتب عنه، للنّاس فيه مشاعر بدائية وطبيعية بسيطة، لذا كانت الشّخصيات خليطاً من الخير والشّر، الطّيبة والكرم، الحقيقة والزّيف، وللسبب نفسه لم تكن أقل ذاتية، كما أن الحياة نفسها التي شكلتها تلك الشّخصيات لم تكن أقل تنوعاً وغنى. سيكون من الجيد للقارئ الذي يحظى بهذا الكتاب، مع التّحيز المعتاد ضد الجنوب الايطالي، أن يعلم أنّ أرواحاً إيطاليةٌ قديمةً بمفاهيمها الصّارمة عن الشّرف والواجب، أو الحبّ الحلو والنّقي، أو الحب ' اليومي' الأسعد وليس الأقل سحراً ورومانسية، كل تلك الفضاءات بوابات لحياة مكتملة.