لا شيء يموت فعلاً، كلّ شيء يوجد دائماً؛ ولا أحد بإمكانه القضاء نهائياً على ما وُجد ذات مرّة . كلّ فعل، كلّ كلمة، كلّ شكل، كلّ فكرة هوَتْ في الأوقيانوس الكونيّ للأشياء تُنتج فيه دوائر تتقدّم متوسّعةً حتّى تخوم الأبدية . الصورة الماديّة لا تتلاشى إلّا لدى النظرات المبتذلة، والأطياف التي تنفصل عنها تعمّر اللّانهاية . ما زال البطل باريس يخطف هيلانة في منطقة مجهولة من الفضاء . وما زال مركب كليوباترا، قادس، ينفخ أشرعته الحريريّة على زرقة نهر طرسوس آخرَ مثاليّ . وثمّة عقولٌ مشبوبة وقويّة استطاعت أنْ تجلب إليها قروناً مندثرة ظاهريّاً، وأن تجعل شخصيّات ميتة في نظر الجميع تعيش من جديد . اتّخذ فاوست ابنة تيندار عشيقة له، ونقلها إلى قصره القوطيّ، من أعماق هاديس، هاوية العالم السفليّ الغامضة . ولقد عاش أوكتافيان للتوّ يوماً في عهد تيتوس ليكون محبوباً من آرِّيا مارتشيلا، ابنة آرِّيوس ديوميديه، النائمة في هذه اللّحظة قربه على سرير عتيق في مدينة يحسبها الجميع مهدَّمة .