على الرغم من عاهة الشاعر ويُتْمه وفقره اكتسب شهرةً لدى الأئمة والولاة والقضاة والعلماء والأصدقاء، وكان له حضور في مجالسهم؛ فقد حرص على العلم والمطالعة الواسعة منذ طفولته، مما يكشف عن نفسيةٍ تأبَى الاستسلام للضعف والوهن، وتسعى إلى تعويض النقص الذي يجده الكفيف عامة جرّاء فقده حاسة البصر من خلال إبراز موهبته الشعرية. ترك الشاعر ديواناً زاخراً بموضوعات شعرية متباينة، سار فيها على طريقة الشعراء القدامى في أغراضهم الشعرية عامة؛ كالمدح والهجاء والغزل والوصف والرثاء والفخر والحكمة والاستعطاف والعتاب والشكوى. وقد كشفت الأغراض الشعرية في عمومها تأثر الشاعر بعاهته وفقره ويُتمه؛ إذ تسرّبت تلك ��لهموم مجتمعةً إلى معانيه وألفاظه وصوره الشعرية، ولاسيما الهجاء الذي اكتسى بأثواب فاضحة تأنف منها النفوس السويّة، ولم يسلم منها أقرب الناس إليه وهن زوجاته، ولم تسلم من تلك المذمّة إلا امرأة مثالية نسج أوصافَها خيالُه وتصوراته، وجعلها في بعض الأحيان رمزاً لممدوحه الذي أسبغ عليه أثواب العطاء. لم تَحُل عاهة الشاعر دون الوصف الذي استقى كُنهه من محفوظه ومسموعه ومن اعتماده على الحواس الأخرى، وقد تخلل الأغراض الشعرية فخر الشاعر بنفسه وبعشيرته وبأخلاقه وأدبه في محاولة لإثبات الذات وتعويضها عما فقدته.