يعد صلاح الدين أحد أشهر الشخصيات الشرقية التي عرفتها أوروبا عبر التاريخ الطويل للعلاقة بين الشرق والغرب، فقد بقيت الأجيال تستذكر تحريره للقدس وتصديه للحملة الصليبية الثالثة بقيادة أعاظم ملوك أوروبا ريتشارد قلب الأسد، وفيليب أغسطس، وفردريك بارباروسا. ولكن في خضم ذلك التراث الغني، تأتي معالجات المستشرق البريطاني “السير هاملتون جب” متفردة في منظورها؛ ففي تناول جب لمصادر صلاح الدين، ولسيرته، ولشخصيته يطالعنا تألق وسمو نادر في الاستشراق الأوروبي، سواء في اللغة المفعمة بالتعاطف فضلا عن المقاربة الفذة في فهم شخصية صلاح الدين، والعمق في تحليل المصادر العربية، وأنماط العلاقات المتشابكة بين نصوصها. وهذا الكتاب أنموذج على كل ذلك. والحصيلة هي تأسيسه لمدرسة تبعه فيها مستشرقون كبار من أمثال دونالد ريتشاردز وبيتر هولت وكارول هيلنبراند، والجيل الجديد أمثال كونراد هيرشلر ونيال كريستي وأليكس ماليه وغيرهم.