-نحن بحاجة ماسة الآن إلى أن نعرف أن تاريخ المسلمين غني بشخصيات صوفية عارفة زاهدة عابدة، أعظم بكثير من الحفظة المنغلقين، الذين يركزون على المنظر لا المخبر، والمظهر لا الجوهر، ويوظفون الدين في قضية الصراع على السلطة والثروة، هذا الكتاب يضع تجار الدين في حجمهم الطبيعي، حيث تفيض سطوره بعشق ...إلهي خالد، لا يخبو نوره، ولا ينتهي عطاؤه، ولا تنضب مواجيده وأذواقه، ولا تتراخى مقاماته وأحواله، إنه العشق الذي ذاقه الذين خلوا وراء ظهورهم منافع الدنيا الزائلة، وأطلقوا أرواحهم لتبحث عن الحب، الذي لا يتهادى إلا لأصحاب القلوب الرقيقة، والنفوس الطيبة، والعقول المتوقدة، والبصائر النيرة.. هنا سطور صنعتها أقوال وأفعال، وسكنات وحركات، وهمسات وصرخات، وتفكير وتعبير وتدبير، شكلت جانًا مهما من الحضارة الإسلامية، إنها صور قلمية وتراجم لرموز التصوف، الذين شكلوا كتيبة عريضة من فرسان المحبة والتسامح والزهد والولاية والمعرفة البرانية، فيا من تحاول أن تهتدي إلى دروب السالكين، تعال لترى طرفًا من سير أولئك الذين اقتربوا من كشف أسرار الكون التي لا تنتهي.