من كان سيقول لنا إنَّ السعادة في القرن الحادي والعشرين كلّه سوف تتحوّل إلى أداة للتعذيب! إنَّنا نتحمّل لعنــةً تخفى على غالبية البشر: لعنة السعادة. لقد أصدروا بحقّنا حكماً بالسـعادة الإلزامية، أمّا الشاغل الأكبر فهو أنَّها محض تقليد. وقد فعلوا ذلك ببراعة وخفّة، حتّى اعتقدنا أنَّها فكرتنا نحن. وأوهمونا بأنَّنا نشعر بالسعادة، ولكن مهلاً! إنَّ ثمَّةَ فرقاً بين أن نشعر بالسعادة وأن نكون سعداء حقيقةً. ذلك أنَّ هذا الاستبداد ينبع من مفهوم يُعْنى بسعادةٍ شعوريةٍ وعاطفيةٍ وسريعة، شيء لحظيٌّ يسهل تحصيله. لقد حوّلونا إلى مدمنين عاطفيين. والعقوبة هنا واضحة، أن نحقن أنفسنا بهذه السعادة الزائفة ما حيينا، ونقع في بحث متواصل عن الجرعات في أيٍّ من طرائقها التي تندرج تحت الكلمة الشائعة: الاتجاهات. ترتبط هذه الاتجاهات بالاستهلاك التجريبي، لأنَّ ما يباع الآن هو التجارب، فالمشاعر التي تزعجنا وتقلقنا وتثيرنا وتغيّر حالتنا المزاجية، ترتبط دائماً بالعواطف الإيجابية. وفي كلِّ يوم يصنعون جرعاتٍ جديدةٍ، أكثر إثارة للشهيّة، وقد تمكّنوا من الحصول على هذا العرض الكبير والمحفّز، وهو أنَّه من المحال تجربتها كلَّها".