نكتبُ أحياناً لهم، لأولئك الذين ما زالوا في أيامنا وأولئك الذين رحلوا، نكتب حباً وفرحاً وتباهياً ونكتب حزناً وشوقاً وغضباً، نخطّ الرسائل بكل الأشكال لأولئك الذين سكنونا، لأولئك الذين ظلوا رغم كل العثرات التي حالت بين ما بيننا، ولأولئك الذين ظلوا في القلب رغم كل المسافات التي أخذتهم. لأولئك الذين نجونا معهم وبهم من كل الكبوات التي كادت تُغرقنا، ولأولئك الذين ما إن تحل طائلة علينا لا نجد من أثرهم إلا الصورة، لأولئك الذين حين قامت القيامة تشبثوا بنا، ولأولئك الذين حين بدأنا ظننا أن لا شيء قادرٌ على أن يحيل بيننا وبينهم؛ لكن الوقت كان قادراً على أن يجعل أحلامنا بالأبد معهم مجرد أحلام. نكتب كثيراً وكثيراً ولا نُرسل منها إلا القليل، كأن الرسائل مُحرمةٌ عليهم، كأن الأحرف ستذوب إذا ما لمسوها. اليوم أنا أرسلها جميعها حتى أتحرر من كل المشاعر التي سكنتني منها، اليوم هو يوم الاعتراف فإذا ما وجدت نفسك في رسائلي لا تهرب ولا تجزع، فأنت بالقلب هنا، حاضراً كنت أو غائباً.
