ولما كان الحبُّ مرتبطًا بالنفس، وكانت النفسُ مخلوقةً في السماء، كانت نفسُ المحبِّ غيرَ محتاجةٍ إلى شيءٍ خارجٍ عنها، بل بالحبِّ
تكتفي النفسُ بذاتها لتفيضَ على مَن حولها لتُنزلَها منازلَها بقدر مراتبِها
وعلى قدر قبولِها وبحسب استحقاقاتها .. فالعالمين العلويَّ والسفليَّ إنّما
وُجدا بالمحبة ولأجلها، وأنّ حركاتِ الافلاك والشمس والقمر والنجوم وحركات
الملائكة والحيوانات، وحركة كلّ متحركٍ إنما وُجدت بسبب الحبّ .. فالحبّ كان
أصلًا ومبتدَءًا لكلّ فعل، حتى دفع الإنسانُ للأمور التي يُبغضها ويكرهها، فإنما
يدفعها بمحبته لأضدادها.