كل حديث عن أن الوشم يتميَّز بكذا وكذا من الصفات، أو المؤهلات المفترضة فيه، أو أن له مثل هذه العلامات هو زعم محض. كل رغبة ملحاحة لجعل الوشم موضوعاً ضمن إطار تصوّر معين، ومعنىً معين أو أكثر، هي نسف لحقيقة أمره.في أركيولوجيا الوشم ثمة الكثير الذي يخاطب ذهنيةَ المختص، ومشاعرَ المتلقي، والذي يبقي الوشم برّياً، رغم أنه من حيث الفكرة ينتمي إلى عالم الاجتماع البشري. لكنه فيما وصل إليه من تحول وانعطافات نوعية، أظهر ما ليس في حسبان أي رياضي، أو خيال أي باحث، أو راصد لـ " مجرَّته " هائلة التنوع، والموعود بالمزيد، أي بانفجار الدلالات فيه.إن معرفة ما كان، وما هو قائم، تشدّد على ضرورة النظر في كثافة الموجود من أثريات الوشم. إن ما يصل الذاتي، أو الفردي، ومعهما ما يُقتطَع من الاجتماعي، بما هو شديد الخصوصية وحميم بالمقابل، ليفسح في المجال لما هو فردي، والتأسيس لفعله، كما تقول نصوصه الوشمية، أو المحمولة وشمياً في الجلد.بالطريقة هذه، هل نبالغ، إن قلنا، إن القيمة المعطاة لهذه المشاهد العمودية، التي تحيط بالجسم، عبر مواقع مختلفة، أو في رقعة معينة من جغرافية الجسم، تمثّل لصاحبه نشيد إنشاده، ومسعى لإعادة تكوين الصورة والاسم والعنوان نفسه؟!
