يتيح الاستقراء المتأني للشعر الجاهلي الوقوف عند قضية فنّيّةٍ قلّما حظيت باهتمام دارسيه إنّها قضيّة المفارقة التي تتّسم بطبيعة مزدوجة. وتتأسّس على قول معنّى بغرض الإفصاح عن معنى آخر، وتتخذ من العبث في الحقيقة ومن قرن المعقول بغير المعقول أقنعةً تستتر وراءها لتمرّر مبادئها، وتعبر عن مواقفها إزاء هموم الذات، ونقائص المجتمع. وتضارب أحوال الوجود تعبيراً يتراوح بين الجد والهزل.