وصل التصوف إلى أفريقيا جنوب الصحراء أساسًا عر المنفذ الش ال أفريقي؛ حيث انتر التصوف الطرقي في مجتمعات هذه المنطقة بفعل جهود ونشاط شيوخ الطرق الصوفية وأتباعها ومريديها. يتنوع الدور الذي تنهض به الطرق الصوفية في أفريقيا جنوب الصحراء ما بين الديني، والثقافي، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي. تشكل الطرق الصوفية رق اً صعبًا في المعادلة السياسية، وفاعاً سياسيًّا كبرًا، بإمكانه التأثير في سياسات الأنظمة الحاكمة، وفي الاستحقاقات الانتخابية. يمكن اعتبار هذه الطرق بالفعل بمنزلة دولة داخل الدولة؛ نظرًا لكونها تستطيع -إن أرادت- فرض التراجع عن بعض القوان ن، أو فرض قوان ن خاصة بها، وتطبيقها على السكان المحليين. ظهور حركات التطرف العنيف وانتشارها في المنطقة خال العقدين الأخيرين طرح أسئلة عديدة حول إمكانية نهوض التصوف بدوره في الحيلولة دون انتشار تلك الحركات. وصول حركات التطرف العنيف إلى أفريقيا جنوب الصحراء أصبح يشكل أكبر تحدٍّ وجودي على الإطلاق للطرق الصوفية فيها. يتبنى التصوف الطرقي مقاربة مزدوجة في مواجهة حركات التطرف، تتمثل في نر التصوف في أبعاده المسالمة المتسامحة، ودعم اس راتيجيات مكافحة الإرهاب التي تقوم بها الدولة. لا خيار أمام هذه الطرق سوى مواجهة حركات التطرف العنيف، لكن تلك المواجهة يجب أن تكون عقلانية، فالمقاربات التي تقوم عى القوة العسكرية وحدها أثبتت محدوديتها في مواجهة هذه الحركات