يجري الحديث النقدي عن سعي الرواية منذ البداية في القرن التاسع عشر إلى أن غدت مرآة المجتمع المدني وسلاحه الإبداعي في مواجهة نقائضه من التسلط والتطرف والتخلف. كما يجري الحديث النقدي عن العروة الوثقى بين البنية الروائية والديمقراطية، ليس بمعنى مضمون، بل بمعنى البنية الروائية. وبعدما تقوض مشروع النهضة، وبلغ التباب واليباب والخراب ما بلغ، باتت الرواية منجزاً إبداعياً عربياً وعالمياً مرموقاً. وما فتئ سؤال هذه الرواية والمجتمع المدني يتجدد ويتعقد، فأقبلت تُفكك معوقاته من الديكتاتورية إلى الإرهاب المتدرع بالدين، كما أخذ خطاب حقوق الإنسان يفشو روائياً. وعلى الرغم من كل ذلك ينشب السؤال بتعبير فيصل دراج عمّا إن كانت الرواية العربية أثراً لمجتمع مدني، أم شوقاً لمجتمع مدني متعثر أو معاق؟ يحاول هذا الكتاب تبيّن كل ذلك من خلال تحليل ثمانين رواية عربية، وبما في ذلك من مكابدة الراهن كمكابدة الجوهري، فالقضية هي الحاضر والمستقبل، هي حرية الاعتقاد الديني والسياسي، هي حرية التعبير وحقوق المرأة والطفل والقضية هي الرواية فناً للحوارية والتعددية بامتياز.
