يُقَدِّم هذا الكتاب تفصيلاً وافياً للهجة من اللهجات القديمة، التي تمثِّل لهجة مرحلية سادت في فترة انحسار الآرامية وبزوغ نجم اللغة العربية، التي بدأت تسيطر على المنطقة التي عاش العرب فيها منذ عصور قديمة، ولا شكَّ في أنَّ اللهجة التدمرية تحمل عدداً من ملامح اللغة العربية النامية، واللغة الآرامية التي آذن نجمها بالزوال. وقد قدمت هذه الدراسة تصوراً عن المرحلية اللغوي في المستويات المختلفة: الصوتية والصرفية والنحوية والدلالات المعجمية المختلفة، مقارنة مع اللغات السامية المختلفة، وقد كان التركيز في هذه المستويات على بنية اللهجة التدمرية ذاتها، مع مقارنتها بمثيلاتها من اللهجات السامية المختلفة لتأصيل اللهجة بينها، مع التركيز على اللغة العربية التي هي أكثر اللغات السامية حظاً في أن تكون أم هذه اللغات. وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها من الدراسات القليلة درست المستويات اللغوية المختلفة باللغة العربية، فقد كانت دراسات هذه اللهجة عند المستشرقين مقصورة على المكوّنات المعجمية من دون النظر إلى مستويات اللغة المختلفة. وهي تهدف إلى أن تقدِّم شيئاً مفيداً عن اللهجة التدمرية التي تعرَّضت لكثير من الإهمال، وأن تعرِّف بلهجة من اللهجة المرحلية كما هو حال اللهجة النبطية تماماً؛ إذ وقعت في البرزخ الفاصل بين العربية المتنامية والآرامية التي آذنت شمسها بالمغيب في ذلك الوقت.