يعد الفن الموسيقي جانباً عظيماً من جوانب الحضار�� الشاملة لأي شعب، وإذا كانت الحضارة قد ارتكزت على الحياة الاجتماعية والتاريخ السياسي والأحوال الجغرافية والبيئة والوضعية اللغوية وجملة التطورات الأخرى؛ فإن الموسيقا تتمتع بصلة وثيقة مع تلك العناصر الحضارية، إضافة إلى أن الموسيقا تستند إلى أساس علمي يتضمن الطبيعة والرياضيات والفلك واحتفاظها الحيوي بالصلة مع الأدب وسائر الفنون الأخرى، وقد تأثرت أيضاً بالشعر وفن العمارة والنحت والتصوير والرقص والتمثيل والفنون الآلية والفلسفة. غاية هذا الكتاب أن يكون إسهاماً من إسهامات الذهنية العربية التي تكاثرت وتقاطرت عبر كتابات النقاد العرب الحقيقيين، وهو من ثم ترجمة أمينة لتاريخ الموسيقا خلال القرن العشرين. اعتمد الكتاب على أبواب عديدة؛ كان في مقدمتها باب (الأفكار)؛ ويشمل الثوابت والمتغيرات في الموسيقا العربية والغناء العربي، ثم باب (الأصوات) و(الأقطاب) و(الأعلام) و(الأسماء اللامعة)، ثم باب (الأنغام) وهو ناموس الوضعية البنائية للموسيقا العربية والغناء العربي، فهو مؤلف يحمل مزاياه الثرية في المعارف والأفكار والأحكام المتعلقة بالموسيقا العربية وتطورها. إن الموسيقا العربية والغناء العربي من ذخائر التراث الإنساني؛ لذلك اتبع في هذا الكتاب خطوات الذين أمدوا تراثنا الموسيقي والغنائي بكل نفيس وجليل وعميق.