كان لعرب الأندلس أدب رائع، وشعر بليغ ونثر بديع وسعة في الخيال، وقدرة على الابتكار وكانت دولة الأدب هناك في عز مجدها وأزهى عصورها وساحاته غاصة بالشعراء والكتاب في كل فن من فنون البيان، أو مذهب من مذاهب البلاغة. من عجائب علمهم وغرائب نظمهم ونثرهم مما هو أحلى من مناجاة الأحبة بين التمتع والرقبة وأشهى من معاطاة العقار على نغمات المزاهر والأوتار لأن رؤساء هذه الجزيرة كانوا رؤساء خطابة ورؤوس شعر وكتابه ترفقوا فانسوا البحر واسترقوا فأدركوا الشمس بالبدر وذهب كلامهم بين رقة الهواء وجزالة الصخرة الصماء.