حكايات ابن بطوطة بقلم علي كنعان ... يثير عالم ابن بطوطة كثيراً من الأسئلة والرُّؤى والتَّصورات، كأنّه أراد، من دون أن يتعمَّد ذلك، أن يدفع قارئه إلى مشاركته في استكشاف هذا العالم وتأمل صحاراه وبحاره وحواضره، والتّفكُّر في آياته وغرائبه، والحديث مع تضاريسه وشخوصه، والتمعّن في أحواله الطّبيعيّة والعمرانيّة. بدأ شيخ الرّحالة مغامراته شابّاً، وهو في الثّانية والعشرين من عمره، وعاد إلى موطنه وهو يشارف على الخمسين، لكنَّه لم يلبث أن عبر البحر إلى الأندلس؛ عازماً على المشاركة في الجهاد، كما يقول، لكنه سرعان ما رجع إلى المغرب، ولم يشأ حينها أن يخلد إلى الراحة والاستقرار، فشدّ الرِّحال من جديدٍ ليطوف هذه المرَّة بلداناً إفريقية عدّة، يطلق عليها جميعاً اسم (السودان)؛ إيثاراً للاختصار ربّما، أو لأنَّه أراد تمييز أهلها من "البِيضان"، بتعبيره. لا يعير الرّحّالة المرأة أيَّ اهتمامٍ، فهو لا يشير إلى تميُّزها أو جدارتها بالاحترام والتقدير، إلا إذا كانت من اللواتي أحطْنَه بالإحسان والإكرام، وهنّ، غالباً، من بنات السَّلاطين والأمراء أو زوجاتهم وأمّهاتهم. ولا يملك المحرّر في الختام إلا أن يدعو القارئ إلى مائدة ابن بطوطة، فهي أشهى من أيّة فاكهةٍ فكريةٍ يحاول خيال المحرّر تقديمها.