إن رد الفعل التلقائي الأول كما يقول (مايكل جلادويل) مؤلف كتاب « طرفة عين: قوة التفكير بلا تفكير» تجاه الأشخاص والأشياء والمشكلات هو أكثر الاستجابات دقة، وعادة ما يصيب رد الفعل الغريزي هذا والذي يشير المؤلف إليه بمصطلح «طرفة العين» حتى لو لم يكن له أي تفسيرات منطقية أو أسباب مقنعة. كيف يمكن أن تسير معلومة صغيرة طريقاً طويلاً! يثق (مايكل جلادويل) بقدرة العقل الباطن للإنسان على التقييم الدقيق للمواقف والأشياء والاشخاص في وقت قصير قد لا يتجاوز لحظات معدودة ، وهي النظرية التي أطلق عليها مصطلح «التقطيع إلى شرائح رقيقة» حيث يتمكن العقل البشري من فحص الموقف ومسح كل المعلومات الضرورية لصنع قرار صائب وتحديد المطلوب في أقل من لحظات، وأكثر هذه العمليات دقة تلك المتعلقة بتقدير مشاعر الآخرين. ويدلل على قوة نظريته بالعديد من الأمثلة وبأبحاث أجراها فريق بحث خاصة بدراسة أنماط التفاعل بين الأزواج، وذلك من خلال القيام بالتسجيل بالصوت والصورة لمناقشات تدور بين بعض الأزواج حول موضوعات تبدو في ظاهرها سطحية إلا أن فريق البحث يتمكن من استخراج صورة خفية من بين سطور هذه المناقشات، وذلك من خلال دراسة تعبيرات الوجه وأنماط حركات الجسد والإيماءات وغيرها فيتمكنون من تحديد طبيعة العلاقة بين الزوجين واحتمالات استمراريتهما معاً بدقة. أحد الأوجه المحيرة في قدرة العقل على القيام بعملية تقطيع الموقف إلى شرائح رقيقة وتكوين أحكام دقيقة بسرعة هي عدم قدرة العقل الواعي على فهم أو حتى إدراك حدوث هذه العملية. لأن إدراكنا للكيفية التي نقوم فيها بصنع القرار غير سليمة حيث نحط من شأن حجم تأثير العوامل الخارجية على صنع القرار في اللاوعي. وهناك «مشكلة القصص» حيث نميل عادة إلى ابتداع تفسيرات خاطئة تماماً لسلوكياتنا واختياراتنا، فحيث لا يتمكن البشر من التعامل مع الغموض ومع ما لا يجدون له تفسيراً يعمدون إلى ابتداع قصص تفسر قراراتهم وأفعالهم التي يقومون بها بدافع من بيئة «الشريحة الرقيقة».
