في هذا الكتاب الأنيق الصادر بعناية، والذي يتضمن عرضا ناقدا وتحليلا لفلسفة المفكر الألماني ماكس فيبر، في توجهها العقلاني لعمله العلمي من ناحية، وفي وجود نزعة الشك "العميقة حول قدرة العقل في الإجابة عن المفارقات الأساسية للفعل البشري" من ناحية ثانية. أراد المؤلف من وراء بحثه هذا حول "حدود العقلانية الاجتماعية" التي طرحها فيبر، "اقتراح بعض العناصر" للمشاركة في النقاشات المعاصرة حول العلوم الاجتماعية والدلالات الحالية للعقلانية.
لم يقتصر فكر فيبر على الربط بين الحداثة والعقلانية كشرط ضروري للتقدم التقني والسياسي، فقد ربط بين علم الاجتماع والفلسفة والتاريخ والأخلاق، كما ربط بين النظرية النقدية والاقتصاد السياسي، فهو بذلك "كاتب ناقد ومنظّر محلل لوضع إنساني معقد"، كان له دور بارز بين فلاسفة القرن التاسع عشر، وقد تكون العودة اليوم إلى نقاش فلسفته من ضرورات المساندة التي يتطلبها الفكر المعاصر للبحث في أفق أطر وأشكال المجتمع والتركيبة الإنسانية للمرحلة المقبلة.
بعد لمحة نقدية تاريخية فلسفية، يتناول الكاتب، وهو الفيلسوف الفرنسي والباحث وأستاذ العلوم السياسية في جامعات فرنسا ومعاهدها، بالبحث جميع الحقول الفكرية لدى فيبر، من علم الاجتماع، إلى الفلسفة والتاريخ والسياسة، ليخلص إلى خاتمة تحدد رؤيته بالربط بين ما طرحته فلسفة فيبر وبين تحديات الوضعين الإنساني والإجتماعي المقبلين.
دراسة معمّقة وشاملة في علم الاجتماع والسياسة والمرافق الإنسانية الأخرى، جاءت عبر هذه الطروحات النقدية لفكر المفكر الألماني ماكس فيبر، يجدها القارئ في هذا الكتاب الذي تفّرد مترجمه إلى اللغة العربية بكتابة تقديم قيّم له، تضمَّن شرحا لموقع المؤلف من الساحة الفلسفية وعلم الإجتماع، كما تضمَّن نبذة عن حياة الفيلسوف ماكس فيبر وعن الموقع الهام الذي يحتله.