الإنتقالُ الهادئُ منَ الخريفِ إلَى الشِّتاءِ ليسَ فترةً مزعجةً علَى الإطلاقِ، منَ اللَّطيفِ أنَّ يجمعَ المرءُ ممتلكاتِه كلَّها علَى مقربةٍ منهُ بقدرِ مَا يستطيعُ، وأنْ يخزِّنَ الدِّفءَ والأفكارَ، ويختبِئ في صميمٍ عميقٍ منَ الأمانِ حيثُ يمكنُه أنْ يدافعَ عمَّا هوَ له وحده، ويسخرَ منَ العواصفِ والظَّلامِ في الخارجِ.ولكنْ هناكَ الذين ...يلازمونَ بيوتَهم، وهناكَ الذين يسافرونَ، وفي الخريفِ المعيَّنِ لهذهِ الحكايةِ ثمَّةَ العديدُ منَ المخلوقاتِ في محيطِ وادِي المومين الَّتي تشعرُ بعدمِ الإرتياحِ وهيَ وحدَها، والتَّي تلتَفِتُ أفكارُها نحوَ دفءٍ عائلةِ المومين المنيع والمريحِ، وبالتَّالِي تجتاحُهَا الرَّغبةُ في ضرورةِ زيارتِها علَى الأقلِّ، بل حتَّى الأفضلَ البقاء هناك.نعم، وادِي المومين هو مكانُهم المنشودُ، وهكذَا يصلونَ واحداً تلوَ الآخرِ ليزوروا عائلةَ المومين، بيدَ أنَّ عائلةَ المومين ليسَتْ في البيتِ، ولذَا يمكثُ الزُّوارُ هناكَ بإنتظار عودتهم.ومَا يثيرُ الدّهشةَ هوَ أنَّ الضَّوءَ المنبعثَ منَ النَّوافذِ يشعُّ بثباتٍ ورقَّةٍ كمَا درجَتْ عليهِ العادَةُ في الأيَّامِ السَّابقةِ.