ما فتئت الأديان الكتابية، اليهودية والمسيحية والإسلام، محلّ نظر وتأمّل في الفكر الغربي، برغم تبدّل الأوضاع التي طرأت على الثقافة، منذ الفترة الحديثة. وما برح سؤال الدين متواترًا وحاضرًا بعمق في التداول الفكري، لدى شقّ واسع من المعنيين بالشأن المعرفي بمختلف تشعّباته. فكما يلوح بيّنًا، من التناول الغربي، ليس الدين شأنًا خاصًا بالمتدينين، أو حكرًا على المؤمنين؛ بل يشغل آراء جحافل واسعة من الباحثين والدارسين. وضمن هذه الأحوال، جاء مؤلَّف "لاهوتُ التَّعدُّديَّة الدِّينيَّة قراءاتٌ حول الفكر الغربيِّ والدِّين" بمثابة الصدى المتردّد والصور المتلاحقة، لآراء وأحداث هزّت وضع الدين في حقبتنا المعاصرة. كما أردنا هذا الكتاب تمعّنًا في مرحلة تاريخية تطبعها آثار العولمة، ومحاولةً لقراءة مؤشّرات مهمّة في مسارات الدين. فمن خلال تلك المرايا المتجلّية في مؤلفات غربية، عملنا على تأمّل أحوال وأوضاع ألمّت بالدين، وتفكيكها ومناقشتها، على طريقة الإيقاف الفني لمشاهد سينمائية وتسليط ضوء مكثّف عليها، وذلك سعيا لفهم نسق الأفكار التي تحوم حولنا وحول أهل الكتاب.
