تنطلق رواية "آخر أيام الباشا" من إهداء محمد على باشا "زرافة" إلى ملك فرنسا، مقدمة صورة مختلفة عن هذه شخصية الباشا من منظور بطل العمل وهو الشخصية المحركة للأحداث، مدفوعًا بحبه للباشا وإعجابه به، وهو مؤرخ متمرد على المناهج التى يشتغل بها المؤرخون فى العادة، بحيث يتحول البحث إلى نوع من التحرى والتحقيق الذى يستبعد كل الفرضيات الجاهزة إلى حد التشكيك فى "الحقائق" المثبتة فى الكتب، والمطالبة باستخراج رفات الباشا لتحديد أسباب وفاته.
تعيد رواية "آخر أيام الباشا" إلى الواجهة مجموعة من المواقف التى حكمت العلاقة بين الشرق والغرب يكشف عنها حسن البربرى، الجندى السابق فى قوات الانكشارية، والذى ذهب به قدره ليصبح الحارس الخاص لقنصل فرنسا فى القاهرة، وهو الذى رافق (الزرافة الدبلوماسية) فى رحلتها إلى فرنسا، وفى هذه الرحلة يتعرف البربرى على عالم آخر غريب عليه من خلال تردده على أشهر الصالونات الفرنسية فى ذلك الوقت "صالون مدام شانتال"، فيعقد علاقات وصداقات مع أشهر أدباء فرنسا (ستندال.. فكتور هوغو.. الكسندر دوما وغيرهم...)، ليفاجأ بتناقض صارخ بين القناعات المعلنة والممارسات فى الواقع. مواقف لا تعنى فقط المستشرقين الذين نظروا دائمًا إلى هذا الشرق من زاوية متعالية بل، لم يسلم منها مثقفو فرنسا المتنورون أيضًا.