صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط - إيطاليا، رواية "عدوّي الحميم" للكاتب الأميركية ويلّا كاذر، ترجمها عن الإنكليزية يزن الحاج، وهي حسب إشارة المترجم، أقصر روايات كاذر، وهناك قصص قصيرة لها أطول منها، ولكنّها أفضل مقدّمة لأعمالها .. هنا بلغت كاذر درجةً عالية من الإتقان والبراعة والحساسيّة اللغويّة، تفتقر إليها معظم أعمالها الأولى، بما فيها ثلاثيّتها الروائيّة الأشهر "ثلاثية السهول الكبرى". لا نجد هنا جغرافيا كاذر المعتادة، أي نبراسكا وباقي ولايات السهول الكبرى الأميركيّة، بل ننتقل إلى نيويورك، ونتلمّس اختلاف المدن الكبرى عن المدُن والبلدات الصغيرة. لا يزال للطبيعة حضورٌ بارزٌ (فهذه إحدى مزايا أدبها المذهلة)، ولكنّ التركيز صار جوّانيّاً، سيكولوجياً، أكثر من كونه ظاهرياً. نبدو هنا، في بعض فصول الرواية، وكأنَّنا نقرأ أناشيد قصيدة مَلحميّة، حيث التراجيديا والآلهة والصّراع، مع أنّ المكان والزمان ثابتان.