إن الإنسان عموما يلجأ للقوى الروحية رغبة منه في الشعور بالاطمئنان النفسي والأمان الوجداني، أما بالنسبة للمتطلبات الملموسة والضرورية فإنه يعتمد على تعاون بني جنسه وعلى العلاقات الاجتماعية : فإذا وصل الإنسان إلى الشعور بحالة جوع شديد، فإنه سيضطر للسرقة؛ وهذا ما يفسر اعتماد الناس على بعضهم البعض (واقعياً) في تحقيق وتوفير المتطلبات الحياتية، كالغداء والسكن والغطاء ـ ولا يتم الاعتماد على القوى الروحية إلا افتراضيا على مستوى الثقافة أو الخطاب. وهو ما يفسر أيضا تعلق الطفل الصغير بوالديه، فلا اهتمام واقعي له بالإله أو الدين ـ عبادته الوحيدة (كرجاء ورغبة) هي الأم والأب. وبمراحل نموه يزيد تعلقه بالذي يحقق له متطلبات، أكثر من الآخر، بشقيها الوجداني (الحنان) والمادي (الاعتناء الاقتصادي)، على إثر ذلك نجد تعلّق المراهقين يرتبط بالأب نظرا لهيمنته الاقتصادية والاجتماعية بالأسرة، باعتباره معبودا ـ فالحب للأم، أما الخوف والرجاء فللأب. ولا يختلف الناس حول هذا الأمر لمن يوفر لهم حماية وجودية أو اقتصادية. بذلك فإن النمط الأولي هو نمط "الحامي" أو المنقذ كما أسلفنا.
