في تاريخ العالم الحديث، حصل الكثير من الثورات والانقلابات العسكرية والحركات السياسية العنيفة، انتهى معظمها إلى تغييرات سياسية محدودة على صعيد وطني أو إقليمي، وبعض التغييرات في الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد المعني، أو قيام حكومات استبدادية ودكتاتوريات عسكرية، كما حصل خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، في أميركا اللاتينية، وأسيا وأفريقيا. لكن التاريخ الحديث شهد أيضاً، ثلاث ثورات كانت مختلفة تماماً عن غيرها، إن لجهة خطورتها وأهدافها، أو لجهة تمددها خارج نطاقها المحلي، وتأثيرها على العالم بمجمله، كالثورة الفرنسية عام 1789، والثورة البولشوفية عام 1917، والثورة الإيرانية عام 1979. وهذه الثالثة كانت الأخطر على الإطلاق، لكونها ارتكزت إلى العقيدة الدينية والمقدسات، الأمر الذي جعل الثورة "الخمينية" لتكون بمثابة زلزالاً إقليمياً كبيراً، وضع المنطقة أمام خطرين كبيرين: الأول تأثير هذه الثورة على المجتمعات الإسلامية في الدول المحيطة. والثاني يتمثل في طموح الإيرانيين بـ"تصدير ثورتهم" إلى الدول المجاورة، التي تدين بالدين الإسلامي، عبر التدخل المباشر والعلني، أو اتباع استراتيجية "الثورة الناعمة". الأمر الذي أدى إلى إهتزاز بنية المجتمعات الإسلامية، في معظم الأقطار المجاورة للدولة الفارسية، وساهم بتفككها إلى جماعات طائفية ومذهبية متناحرة. وما تشهده المنطقة اليوم من صراعات وحروب دموية ما هو إلا إرتدادات للثورة الإسلامية في إيران.
