(الأوديسة)، أو الرحلة الملحمية، فهي تصور مأساة الغياب والرحيل ما بعد الحرب، فبعد سقوط طروادة رحل (أوديسيوس)، واستغرقت رحلة عودته إلى بلاده عشر سنوات، ظنوه فيها ميتاً، وكان على زوجته (بينيلوبي) أن تتعامل مع مجموعة من الخاطبين العنيدين الذين أرادوها، فكيف صُوِرت مأساة هذين الزوجين..؟، إنها في شعر (الأوديسة) الحزين، نقرؤها بشغف، ونلمس عمق المعاناة الإنسانية فيها، وعمق التشرذم الذي أصاب العائلة بعد الحرب، عبر حوار شفاف، جميل، فلا عجب إذاً إن بقيت (الأوديسة) وعاشت كل تلك القرون، واعتبرت ملحمة عظيمة تضاف إلى الأيقونات الملحمية التي أنتجها الإغريق، أصحاب أجمل الحضارات، وأكثرها إشعاعاً حتى اليوم، وهذا الكتاب ترجمة لها، لننقل تلك الأحاسيس الجميلة القادمة من العصور الأولى، إلى عصرنا اليوم، وكأنها كتبت البارحة، وكأنها لا زالت تؤثر في الأجيال جيلاً بعد آخر، وكأنها تروي لنا قصة الإنسان، وكفاحه على هذه الأرض، وكأنها أخيراً تروي لنا عن أنفسنا، حتى نصاب بالدهشة وتجتاحنا المشاعر الكثيرة، بين حزن وفرح ونشوة وانتصار، إنها بكل اختصار (الأوديسة)، أجمل الملاحم التي وردتنا من تلك العصور.
