حكت لي جدّتي، قبل وفاتها بقليل، عن هذا الحُلم الذي صارت تراه كثيرًا في نومها حتى ظنته حقيقة. قالت إنها تحلم بنفسِها وهي فتاةٌ صغيرة ترتدي فستانًا من الدانتيل وتمشي في الشارعِ بحذاءٍ طويل الكعبِ وقُبّعة متدليّة على كتفيها بها وردةٌ حمراء على جانبها الأيسر، وقفّازين من الحرير يمتدَّان حتى رسغيها وإلى جوارها أبوها بطربوشه وبذلته إنجليزية الطراز، وشاربه الذي خالط سواده الشيب. يوقفُ أبوها حنطورًا يساعدها في ركوبه ثم يجلسُ إلى جوارها. يمشى الحصان متمهّلًا فتصدر حوافره نغمةً مألوفة على الطريق الأسفلتي، وتتطلّع هي إلى كورنيش الإسكندرية ثم تنظر إلى الناحية الأخرى حيث الفنادق والمباني فيكتورية الطراز. يقف الحنطور أمام «سميراميس» لتنزل وتعبر الطريق كفراشة ثم تدخل المطعم الفاخر ويستقبلها النُدَّل بحفاوة وحبور، تجلسُ بأناقة على الكرسيّ أمام والدتها. تخلع قفازيها في رشاقة ويجلسُ أبوها على الطرف الآخر من المائدة. لا تذكُر مضمون الحوار، لكنّها إذ تُنهي طعامها ترتدي قفازيها من جديدٍ ثم تقف لتمرر يديها على ثوبها لتزيل أثر الثنيات التي سبَّبتها الجلسة الطَّويلة. ثم تستيقظ جدّتي لتكتشف أنها في السبعين من عمرها، وأنّها على وشكِ الموت
