رواية "باسم الأم والابن" للكاتب البولوني الكبير بسنيك مصطفاي تجعلنا نغوص إلى أعماق النفس الإنسانية بكل تجلّياتها، من حبٍّ، وشوق، وحرمان، وأملٍ، وخوفٍ يخترق حدودَ الرعب، في فترة طويلة من تاريخ ألبانيا الحديث، وأقصد فترة الحكم الشيوعي، التي امتدت من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى أوائل تسعينيات القرن الماضي. ترصد هذه الرواية التحولات التي عاشها أبطال الرواية، الأم والجد والزوج الغائب-الحاضر طوال الرواية تقريباً، والطفل (الراوي). هؤلاء الناس البسطاء الذين يعيشون في مدينة صغيرة متاخمة للحدود الألبانية اليوغوسلافية. ويشاء الكاتب ألّا يكون لهؤلاء الأبطال أسماء، لكن سلاسة السرد، بضمير المتكلّم وحميميته، تُنسينا الحاجة إلى هذه الأسماء. ولعلّ نجاح الكاتب يتجلّى، أكثر ما يتجلّى، في استمرارية السرد بعد سقوط النظام الاشتراكي في ألبانيا. فالطفل يكبر ويصبح مسؤولاً كبيراً في النظام الجديد، والأهم من هذا أنه يصبح كاتباً، فتكلّفه أمّه بكتابة قصة حياتها، لا لشيء إلا لتثبت كينونتها في نظر زوجها الذي لم يقدّرها حقّ قدرها. وليس لنا، نحن المتلقّين، إلا أن نشكرها على إصرارها، فبه حصلنا على رواية ممتعة بكل المقاييس.وفي منشورات دار الحوار تجد أيضاً رواية (طبل من ورق) فائقة الأهمية للمبدع نفسه: بسنيك مصطفاي