نحن الانطوائيين نعيش في عالم (على الأقل، في الثقافة الغربية) يثير إعجابه الأشخاص الذين يتصرفون على نحو منفتح، ونحن غالبًا ما نصف القادة الذين نعجب بهم بأنهم اجتماعيون ومبهرون وجذابون، كما أن الناجحين يبدون بصورة منفتحة ويتصرفون بشكل منفتح؛ لذلك، فالمنفتحون هم الأشخاص الذين نعتقد أنه يجب علينا الاقتداء بهم.
هذا لا يؤتي ثماره مع الانطوائيين مثلك ومثلي، بل يتعارض مع طبيعتنا، وما نحن مجبولون عليه، وطريقة تفكيرنا. بالتأكيد، يمكننا التظاهر بأننا منفتحون، ويمكننا تعلم الحيل التي تخفي انطواءنا، ولكن في نهاية اليوم، لا يمكننا الهروب من صفاتنا الطبيعية. إن مطالبة شخص انطوائي شديد الانطواء بالتحمس للعمل مع الآخرين لإقناعهم بشيء ما يشبه تعيين فنان وإثارة حماسته للعمل بمهنة المحاسبة: كل ما في الأمر أنه ليس من طبيعته.
عرّف «كارل يونج» الانطوائيين بأنهم يركزون على الداخل بينما يركز المنفتحون على الخارج. وفي تفسير آخر، وصف كيف يستمد هذان النوعان من الأشخاص طاقتهم: الانطوائيون من كونهم وحدهم؛ والمنفتحون من الناس. من الناحية العملية، هذا يعني أنه يمكن للانطوائي أن ينفق طاقته في التواصل مع مجموعة من البشر أو تقديم أداء للجمهور، لكننا نقوم باستعادة طاقتنا في المقام الأول من كوننا بمفردنا. من ناحية أخرى، يمكن للمنفتحين العمل في عزلة، لكنهم يستعيدون طاقتهم من الخروج مع مجموعة من الأصدقاء أو التواجد وسط حشد من الناس.
انظر إليَّ على سبيل المثال. قد أبدو شخصًا اجتماعيًّا منفتحًا أثناء وقوفي على المسرح وبعد ذلك أثناء بقائي لتلقي الأسئلة أو ورش العمل، ولكن ما إن أصل منزلي، أغلق هاتفي، وأقوم بتشغيل التلفاز، وأجلس بمفردي ساعات قليلة - لا توجد أضواء أو ضوضاء أخرى- وأسرح بخيالي لإعادة شحن طاقتي. رغم حبي لمساعدة البشر، فإن التفاعل يستنفد طاقتي. قارن هذا مع بعض زملائي المنفتحين الذين يستمدون الإثارة من التواجد على خشبة المسرح ثم يتطلعون إلى قضاء أمسية في المدينة.
