لحياة غابة، وعلى المرء أن يزرعها بأزهار الحق والخير والجمال، مستعيناً بنبع السلام كي يرويها. لكن كتب عليه أن يصطدم بأغصان الحقد الشائكة كي يحقق سبيله. إنها معضلة الحياة الأبدية التي علقنا بها، تطاردنا ونطاردها. منَّا من بلغ غايته ووضع نبتته، ومنَّا من مات وهو يحارب في سبيل ذلك، ومنَّا من علق بأغصان الحقد واستعان بأشواكها كي يطعن أخاه. تلك هي أحجية الحياة ومعضلة الإنسان ومحنته على مر العصور، والتي في سبيلها سطرت أعظم الملاحم التي قام بها الإنسان، وتعددت الأقاصيص والروايات التي أبدعها كتاب آخرون كي يخلدوا كفاح الإنسان، والتعلم مما حدث و يحدث وسيحدث. والعمل الذي بين يديك عزيزي القارئ هو جزء يسير من تصوير ذلك الكفاح، عساه أن يذكِّرَك متى نفعت الذكرى بما عليك من كفاح، حاول فيه إنسان آخر – هو الكاتب – أن يكافح تلك المعضلة هو الآخر بالسرد والقص. تتنقل بين القصة تلو الأخرى من مكان لآخر، ومن زمننا الواقعي إلى الخيال العبثي، والغاية من ذلك هي التعلم والتدبر كي نساهم في حل تلك الأحجية السخيفة والانتصار عليها. ما زماننا سوى قصة حياتنا التي نكتبها بأعمالنا، لنا الحرية في كتابتها تارة، ولنا الحرية في نهاية النفق، هدف تصبو إليه كافة الأمم، وتتكبد فيه كافة التضحيات السامية. و يبقى في نهاية المطاف أنك حر – عزيزي القارئ – إما أن تتعلم من السابقين فتخلد في كل العصور، وأما أن تخلد للنوم مبكراً. تعلم واعمل، واعلم أن لكاتب تلك الأسطر ديناً عليه أن يوفيه إياك، وهو إمتاعك وإعلامك بقلمه وكلماته، ولا يرجو من أسطره تلك سوى رضاك – بعد رضا الله سبحانه وتعالى ورضا الوالدين بالطبع – وغبطتك إياه وصحوتك لتولي وجهك شطر الحق والخير والجمال، وتبذر بذور الحب وترويها من نبع السلام.
