يُناقش هذا الكتاب في جوهره الأزمة الحضارية العربية، ويصبّ في مصبِّها، من خلال مُناقشة بعض الجوانب الأيديولوجية للمعضلات والإشكالات العربية السائدة. والأطروحة السائدة والمهيمنة على هذا الكتاب هي أن أزمة أمّة العرب ليست إلا أزمة ذهنية، وبالتالي أيديولوجية، إذا نظرنا إلى المحيط السياسي والاجتماعي المنبثق من هذه الأزمة الذهنية، أو المعرفية.معضلة العرب عبارة عن معضلة مفاهيم في المقام الأول، إذ إن الإنسان لا يتّصل بمحيطه إلا من خلال المفاهيم. وكلما كانت هذه المفاهيم أكثر دقة في نقل الواقع التاريخي كانت أكثر قدرة على التفاعل مع هذا الواقع، وبالتالي أكثر قدرة على فهمه وتغييره، والعكس صحيح.يُثير هذا الكتاب عدداً من الأسئلة قبل أن يُقدّم أي إجابات مُطلقة، أو نسبية، حول «من نحن»، و«ماذا نريد»، و«كيف السبيل» إلى كل ذلك - مطبقاً نظرته على حالات معيّنة، وخصوصاً في الجزيرة العربية والخليج - وهذه الأسئلة لا يمكن أن تُثار إلا في إطار أيديولوجي معيّن، يشكّل الوعاء الذي من خلاله ينظر الفرد والجماعة إلى نفسه وجماعته والعالم من حوله، ويتفاعل مع كل ذلك، وما الواقع ذاته في نهاية المطاف إلا مفهوم ذهني خاضع لنسق أيديولوجي معيّن قبل أن يكون كياناً مادياً مجرداً