إنَّ الله – سبحانه وتعالى – لما خلق الإنسان في أحسن خِلقة وأجملِها، وسوَّاه في أفضل صورة وأكملِها؛ وهبَه جُملة من الانفعالات يعبِّر بها عما يجول بخاطره ويدور بخلجات نفسه من مشاعر وأحاسيس، ويتواصل من خلالها مع أبناء جنسه، وهذه الانفعالات تكون نتيجة المواقف التي يتعرض لها الإنسان في حياته؛ ومن المعلوم أن الضَّحِك أثر سرور النفس، والبكاء أثر الحزن، وكلٌّ من الضحك والبكاء من خواص الإنسان، وكلاهما خلق عجيب دال على انفعال عظيم في النفس؛ وإن من أسباب الضحك أن يمر الإنسان بموقف طريف أو تُلقى على مسامعه إحدى النكات أو المُلح أو النوادر، أو الردود والأجوبة التي تتسم بالطرافة والذكاء وخفة الظل، وهذا فن قد وجد صدى واسعًا لدى الناس منذ القِدم، وقد حوى التراث العربي كتبًا ومصنفات عديدة في هذا الفن، وألَّف فيه العديد من الكتاب والأدباء. وهذا الكتاب الذي بين يديك – أيها القارئ الكريم – يسير على نهج هؤلاء السابقين، يجمع فيه كاتبه جانبًا من شتات المواقف الطريفة، والنوادر اللطيفة، من نوادر النساء، ونوادر جحا، ونوادر أشعب الطماع، وجانبًا آخر من الأجوبة المسكتة؛ ليقدِّمها للقارئ لعلها تكون له مُسلية، ترسم على شفاهه البسمة، وتُدخل على قلبه السرور والبهجة.
