المشرق بما مر به من حضارات يظل مهبط أسرار الحكمة، ومشرق أنوار العرفان، وتاريخه ساحة كبيرة للبحث والاكتشاف تجول فيه علوم كثيرة، وإن كان الحظ الأوفر منها لعلم التاريخ. هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ يمثل قيمة كبرى؛ إذ وضعه باللغة الفرنسية العلامة الأثري ماسبيرو، الذي يُرجَع إلى معارفه في بيان ظلمات التاريخ القديم، وعبر ذلك الكتاب سيجد القارئ نفسه في رحلة بين ربوع الشرق القديم وحضاراته يتعرف كل حضارة ونشوءها وماذا أبدعت وسطر التاريخ عنها، كما يعرض الكتاب لأبرز أعلام هذه الحضارة، وذلك عبر الحديث عن ميراث الشرق بصورة تتميز بالإيجاز مع التعمق والتركيز، وقام بترجمته راعي المعرفة «أحمد زكي باشا»، وقد حوى بطريقة تجمع بين الاختصار الوافي والإلمام الموسوعي أعظم حضارات الشرق القديم؛ إذ تناول العلامة «ماسبيرو» حضارة مصر القديمة وحضارة بلاد الرافدين من الكلدانيين والآشوريين، ثم حضارة الفينيقيين، وبعد ذلك اختتم الكتاب بحضارة الماديين والفرس في بلاد إيران. كان هدفنا عبر هذا الكتاب أن نقدم للقارئ العزيز عملًا موسوعيًّا زاخرًا كانت نتاج مؤلف عالم قدير ومترجم أب من آباء الثقافة المصرية والعربية، وعمل تحقيقي يليق بهذا الكتاب ترضى به نفس القارئ وتجتمع لها نشوة المعرفة وجمال النص المقروء.
